وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: بين صراعات سياسية متعددة الاطراف، كل منها يريد شد الحبل لناحيته وتحقيق اهدافه، هناك شعب متهالك يدفع ثمن هذه الصراعات، يستمد القوة من اصالته وتاريخه الطويل، يحاول تخطي الصعوبات او على الاقل محاولة التأقلم معها ليعيش حياته اليومية باقل الامكانات او بلا امكانات حتى.
عانى الشعب السوري من هذه الازمات سنوات وسنوات، آمل ان ينتهي هذا العذاب، حتى اتت امريكا وتركيا بعروضها السافرة البخسة، لتحقيق مآربها الوضعية في الشرق السوري، لكن الجواب من ابناء تلك المنطقة هو الرفض القاطع والاعتراض على هذه الاقتراحات ومحاولة التدخل من قبل تركيا وأمريكا، من يعلم لعل تلك الدول في النهاية تفهم وتعي اصالة وعراقة تلك الارض.
وفي هذا الصدد أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء "وردة سعد" حواراً صحفياً مع الإعلامية ومديرة البرامج السياسية في قناة سما "هناء الصالح"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** مرة اخرى يؤكد الرئيس بشار الأسد ثباته والتزامه بمبادئ الجمهورية العربية السورية، ولكن كان اللافت تخصيص حيز من مقابلته الأخيرة لمخاطبة الرئيس التركي والرد على سياساته العدوانية... كيف نقرأ التوجهات السورية في هذا الخصوص؟
سوريّة كانت منذ بداية الاحداث منفتحة على الحوار وعلى أي عمل من شأنه أن يأتي بالمنفعة على الشعب السوري، لكن بالنسبة لتركيا هي محتل، تحتل أراضٍ سورية، لهذا كان موقف الدولة السورية واضحاً لجهة الشروط التي يجب ان تتوفر لحدوث أي تطور مع الجانب التركي خاصة بعد ان تحدثت صحف تركية عن وجود قنوات مع دمشق، كان بيان الخارجية السورية واضحاً بهذا الشأن.
أيضاً تركيا تقطع المياه عن مليون شخص في الحسكة ناهيك عن عدم التزامها بالاتفاقات الدولية وعدم اعطاء سورية حصتها القانونية من مياه نهر الفرات، نحن تربطنا علاقات قرابة مع الشارع التركي، كثيرٌ من الاتراك يتعاطفون مع الجانب السوري ويوجد مئات الآلاف من العائلات السورية تعمل في تركيا، لكن على المستوى الرسمي والحوار مع اردوغان له شروط، على رأسها الانسحاب من الاراضي السورية التي احتلها بعملياته العدوانية، ويجب وقف سياساته العدوانية تجاه سورية.
لاشك ان تركيا دولة فاعلة في المنطقة من ناحية موقعها بالاضافة الى تعاملاتها التجارية مع الغرب وهي عضو في حلف الناتو، تربط بين الأضداد بالسياسة ولعبت دور الوسيط في كثير من القضايا، لكن موقفها تجاه سورية بني على سياسة عدوانية وأطماع قديمة لها خلفيات أيديولوجية استغلت وضع السوريين لتحقيق أجندات سياسية، ومن هنا جاءت مطالبة الشعب السوري بإنهاء الاحتلال التركي.
** بعض الأحزاب الكردية تنكروا للدولة في شمال شرق البلاد وتعاونوا مع الاحتلال الأميركي تحت شعارات وأوهام انفصالية... ثم عادوا لطلب العون من الجيش السوري والرئيس... هل تثق الدولة السورية برغبتهم بالعودة الى حضن الوطن؟، وكيف يجري التنسيق الآن لمواجهة العدوان التركي المحتمل؟
لم ينقطع الحوار بشكل نهائي بين قسد ودمشق، لكن هذا الحوار كان يأخذ مسارات متباينة تارة يزيد وتارة يتجمد.
مظلوم عبدي طلب المساعدة الجوية من الجيش السوري في حال شنت تركيا عدوانها "والذي أراه شخصياً تجمد الآن لظروف متعددة منها التطورات الدولية والرفض الدولي لأي خطوة تركية بهذا الاتجاه"، وأيضا تحدثت قيادات من قسد على ضرورة ان تكون قسد جزء من الجيش العربي السوري، لكن الامور الغير واضحة هي (علاقة قوات سورية الديمقراطية) بأمريكا هي احدى الخطوات الواجب اتخاذها ان كان فعلا هناك جدية ان تكون قسد جزء من الحالة الوطنية السورية، لاسيما ان التهديدات التركية لن تتوقف طالما ترى تركيا ان المسلحين الاكراد يشكلون عبئا على امنها القومي "كما قال اردوغان".
يجب اقتناص اللحظة لان الحالة الطبيعية ان يكون الأكراد والحكومة في صف واحد لانهم بالنهاية سوريون وفي تكتلاتهم الكثير من العرب أيضا، لست مع اي حديث عن التخوين الآن، أنا أشجع أي خطوة تعود بالمنفعة إلى الشعب السوري.
** ما هي امكانيات الجيش العربي السوري في التصدي للعدوان التركي... وما الذي قصده الرئيس السوري بقوله أن الشعب السوري سيواجه العدوان؟
نعم الرئيس السوري تحدث عن ان الشعب السوري سيواجه العدوان، فمنذ البداية كان الشعب والجيش يواجهان العدوان على أشكاله المختلفة، منذ أحد عشر عاماً لم تتوقف المواجهة.
الشعب السوري يرى في اردوغان محتلا ولديه أطماع في أرضه ومقدراته، وحتى كثير من السوريين الذين يتاجر بهم اردوغان ان سمحت لهم الظروف والوضع سيعودون ويتخلوا عنه لأن كثير منهم من العقلاء والوطنيين علموا الفخ الكبير الذي نصبه لهم رئيس تركيا.
اذا نحن لا نقلل من شأن التركي لكن علّمتنا تجربتنا معهم على عدم الثقة بهم او عدم التزامهم بأي اتفاقات او تفاهمات سبق وان وقعت بينهم وبين الضامنين في أستنة الخاص بالحالة السورية...
نعم الجيش دائما مستعد ومتوقع لأي تحرك ناهيك عن المقاومة الشعبية السورية.
** هنا لا بد من السؤال عن دور الحلفاء في لجم جموح الرئيس التركي، خاصة ان الوضع في الشمال اصبح صراعاً دولياً ومصالح استراتيجية... هل ترين أن استفزازات اردوغان قد تأخذ أبعاداً أوسع مما يتوقعه الرئيس التركي؟
نحن دائما كنا نسأل عن ماهية الرد وكيفية الرد، الحلفاء لهم دور كبير، إيران وحزب الله وروسيا في فترات الحرب على سورية قدموا الكثير، لكن لم نرَ مخارج او نهايات الحرب السورية الواضحة.
الآن موضوع الحصار الاقتصادي موضوع ضاغط على الشعب السوري، ونتمنى ان نرى بدائل من هذا المحور واضحة تجاه هذا الموضوع الذي سيتكرر على اي دولة تحترم قرارتها ومبادئها، لكن لا اعتقد ان تركيا تغامر اليوم بفتح صراع دولي خاصة بالشمال السوري، ربما يريد أردوغان زخم سياسي للانتخابات المقبلة، ربما يقوم بعمليات عدوانية محدودة، كل هذا وارد لكن الحرب الروسية الاوكرانية اخذت حيزا كبيرا من الاهتمام الدولي ونتائجها ستنعكس على ملفات المنطقة جميعاً ومنها الملف السوري.
/انتهى/
تعليقك